* الجلسة الثامنة والعشرون :
رمــضــــ 28 ـــــــان
{ أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ }
الحمد لله الذي أعان بفضله الأقدام السالكة ، وأنقذ برحمته النفوس الهالكة ، أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد .
وبعد :
إن العمل الصالح من الأشياء التي يلزم حصولها كي يعتبر الإنسان مؤمناً ، وأفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى ما داوم عليه صاحبه .
فمن هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الأعمال الصالحة " فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته وكان إذا نام من الليل أو فرض صل من النهار اثنتي عشرة ركعة " رواه مسلم .
وسئلت عائشة أي العمل كان أحب إلى رسول صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : " الدائم " رواه البخاري ومسلم .
ومن فاته شيء من الأعمال التي يداوم عليها استحب له قضاؤه .
قال صلى الله عليه وسلم : " من فاته شيء من ورده ، أو قال من جزئه من الليل فقرأه ما بين صلاة الفجر إلى الظهر فكأنما قرأه من ليله "
أخرجه مسلم .
ومن آثار المداومة على الأعمال الصالحة :
* اتصال القلب بخالقه فيعطيه قوة وثباتاً وتعلقاً بالله عز وجل .
* الأعمال الصالحة سبب للنجاة من الشدائد ( احفظ الله يحفظك ) .
* سبب لمحو الخطايا والذنوب :
" أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا : لا ، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " .
* تعهد النفس عند الغفلة وترويضها على لزوم الخيرات قيل : " نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية " .
* المداومة على الأعمال الصالحة سبب في أن يستظل الإنسان في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله .
ومن داوم على عمل ثم انقطع عنه لمرض أو سفر أو نوم كتب الله له أجر ذلك العمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً " رواه البخاري .
ومن الأسباب المعينة على ذلك : العزيمة الصادقة ، والقصد في العمل ،
( فقليل دائم خير من كثير منقطع ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم : " خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا " رواه البخاري ومسلم .
فأين المشمرون في هذا الشهر الكريم ، أين المداومون على الأعمال الصالحة بعد رمضان .
أين أهل الهمم العالية للوصول إلى القمم الغالية ، إن الجائزة العظيمة في المسابقة إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .
اللهم اجعلنا من المتنافسين في الخيرات ، الهاربين عن المنكرات ، المداومين على الطاعات مع الذين أنعمت عليهم ووقيتهم السيئات .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .