عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /04-14-2013, 09:57 AM   #1

أبو البقاء

غير موجود

 رقم العضوية : 1327
 تاريخ التسجيل : Mar 2011
 الجنس : ذكر
 المكان : ضفاف وادي حنيفة
 المشاركات : 718
 النقاط : أبو البقاء

 

افتراضي اعتذار من غدي ..حكاية وقصيدة





أوصدت باب المنزل بهدوء ، خرجت أتمتم بكلمات عفوية لا معنى لها،
كثيرة هي الخواطر التي جالت في ذهني ،

تتساءل .. ماذا كان يعني والدي بهذه الكلمات ، هل كان يمازحني ؟!!

هل هي إشارات ..واللبيب بالإشارة يفهم ُ ؟!!

المغريات خارج البيت كثيرة ، لا تحصى ، كنت أتقدم بخطوات متثاقلة ،
خطوة للأمام وخطوتان للخلف ،

أسترق النظر بالتفاتة بسيطة لأرمق الباب ؛ هل من أحد يتبعني ،
يلحق بي ،فيعيدني إلى المنزل حيث بيتي الذي لا غنى لي عنه؟ !!
لم أعتد الخروج من المنزل كثيرا ،
حتى أن صفة البيتوتية صارت ألصق بي من اسمي
في كثير من الأحيان !!
في الطريق ..
شبان يقفون بجانب سياراتهم المركونة على قارعة الطريق
بشكل غير حضاري ،
يتبادلون الضحكات ، يتغامزون بالإشارات ،
على الغادي والرائح !!
عيونهم ..تخيلتها سهاما موجهة لي ..
تـُرى ..هل يعلمون بما حصل لي من والدي ؟!

تعثرت الخطا قليلا ..فالنفس البشرية مجموعة أحاسيس ،
قبل أن تكون لحما ودما ،

الله سبحانه وتعالى خلق الانسان مجموعة متكاملة
تؤثر في بعضها بصفة ديناميكية ،
فما يتبادر للذهن ويجول بالخاطر تظهره العيون ،
ولو حاولت الابتسامة المصطنعة اخفاءه ..
أثقل تفكيري قدماي ، فلم تعد قادرة على حمل الجسد المنهك ،
استندت إلى جذع شجرة على رصيف الشارع ،
اتكأت بيدي وحبات العرق تتقاطر من جبيني على كفي ،
أنظر إليها ، أتأملها ، أتفكّر في هذه المعجزة الربانية
التي تخرج من جسد الانسان لتبرد عليه حرارته الداخلية ..
ما أعظمك يا رب ، ما ألطفك يا رب .. ما أحلمك يارب ..
ما أرحمك يا رب ..
هل أبوح بما حصل معي لصديقي ؟
ليهوّن علي وقع الصدمة ..؟!!

أخذتني الخواطر بعيدا إلى حيث باب بيتنا ،
أرقب الحركات ، والسكنات ..

أسلّي نفسي بأشباح المارة ؛ لعل أحدا يلحق بي
يردني لبيتي الكبير ...
وشريط الحوار الذي دار بيني وأختي وأبي يسرع مستعرضا
صور المحادثة التي جرت بيننا ..!!
هل أخطأت في حق أختي عندما مازحتها بتلك الكلمات
التي اعتادت سماعها مني ؟!!
هل تغير ميزان العدل عند أبي ؟!!
لم أكن مخطئا في نظري القاصر ..
لا تعدو أن تكون كلمات بسيطة المعنى والمبنى
أردت بها استثارة النقاش معها ..
أشحذ بها فكرنا جميعا ..
ونسترشد بها بوصلة المساء في ليل العتمة البهيم ..

لقاؤنا لا يتجاوز نصف الساعة يوميا ،

فنعوض الانقطاع وقصر وقت اللقاء بإثارة الحوار وسخونته !!

تصفني بالغرور وأسِمـُها بالعناد الذي زاد عن حده !
ولا بد من ترشيده ..!
كان الفارق العمري – لصالحي - بضعا وعشرين شهرا ،
ولكنها بثقافتها ونضجها وسرعة بدهيتها

تجاوزت هذا الفارق البايولوجي والفسيولوجي ،
واستطاعت التغلب عليها جميعها بقراءاتها الكثيرة ..
وثقتها بنفسها ..
نعم ، نعم ..
ثقتها كانت دليلها إلى تجاوز كثير من الصعاب التي مرت بها .

أعدت الشريط بتأن وروية ..
وصرت أستعرض الصور بالسرعة البطيئة !!


•هذه هوايتي ولا أحب التدخل في خصوصياتي بتاتا ..قلت لها ..
- بل هوايتنا جميعا ، فلم لا تشركني معك ؟ قالتها بحدة اعتدت عليها ..

•هذه أبيات لا تفهمين مرادها فلم التشبث بالاستطلاع الممقوت ؟
استثرت أعصابها ؛ فصرخت مندهشة!!
وهو ما يعني نجاحي في مرادي :

- أنا ..أنا فضولية ..؟! هل أنت الفاهم الوحيد في أسرتنا ؟
واسترسلت في هجومها .. لا لا ..غرورك وصل حده ،
ولن يوقف غرورك ويضع له حدا سوى أبي ..!!

•هذا طبعكم يا بني الجنس اللطيف ..
لا أحد يستطيع أن يناقشكم ويحاوركم !!

الهروب من المواجهة هو الوسيلة الوحيدة لفض النقاش ..
لتفهمي أن العناد لا يليق بجمالك وثقافتك ..
عليك بإرضاخ النفس وإخضاعها لقبول الآخر مهما اختلف معك ..
فما بالك إذا كان المختلف معك أخاك الكبير ؟!!

- صرخت ..أنا عنيدة ؟!!
وأخذت تكررها بصوت عال ؛ استفزعت به والدي أطال الله في عمره ..

- دخل مسرعا ..وهو يوجه اللوم والعتب الشديد لي
واصفا إياي بالقسوة والشدة في التعامل ..!!
ألم أحذرك من سوء التعامل مع أختك ؟!!

•نكست رأسي مطأطئا في أدب واحترام ..
ضاعت معها كلماتي وأوزاني ، بُحّ صوتي وتلعثمت الحروف في فمي ..
رمقتها بعين دامعة ..مسحتها بكفي ..
تراجعت الى الخلف خطوة ، ثم استدرت صوب الباب الخارجي
وسياط كلمات أبي تلسع ظهري !!
فتحت الباب .. ألقيت نصف نظرة إلى الداخل ..
قبل أن تبلعني الطريق !!



أمّــنــتكَ الله يا غــــدي ...صارحيني


لا تتركــيني عاثر الصوت ، مبـحوح


حطـــّي النقط فوق الحروف اعذريني

لا صارت الدعوى مشاريه واجْروح


دام النــوايا بِيـــض.. بينك وبيني؟!

وكــتاب عذري صار واضح ومفتوح


هـــاتي عتــبك ارويه باقــي سنـــيني

تـزهر به اغصان العمر ورد وِيفُـوح


ما قلت لك نظــم القــوافــــي يبـــيني

ارسم على هام الوفا..مجد واصروح؟


واكتب على خـدّي من ادمـوع عيني

مقبول ما جا بين الاخوان، مسموح!














كتبها نثرا وشعرا
أبو البقاااء









قال أبو البقاء الرُّندي رحمه الله قبل عدة قرون
وكأنه يتحدث عن حالنا هذا اليوم :


لِـكُلِّ شَـيءٍ إِذا مـا تَمّ نُقصانُ .. فَـلا يُـغَرَّ بِـطيبِ العَيشِ إنسانُ
هِـيَ الأُمُـورُ كَما شاهَدتُها دوَلٌ .. مَـن سَـرّهُ زَمَـن سـاءَتهُ أَزمانُ
وَهَـذِهِ الـدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ .. وَلا يَـدُومُ عَـلى حـالٍ لَها شانُ

   رد مع اقتباس