* الجلسة الثامنة عشر :
رمــضــــ 18ـــــــان
{ خير زاد المسلم }
الحمد لله الذي جعل الدنيا دار بلاء ، ورزق الصابرين فيها أعظم جزاء ، والصلاة والسلام على أعظم الصابرين ، وأشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد :
قال صلى الله عليه وسلم : " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " رواه مسلم .
فالإنسان في هذه الدنيا لا ينفك عن ابتلاء ومصيبة في أهله أو ماله أو ولده أو نفسه ، والصبر مقام عظيم من مقامات الدين ، ومنزل من منازل السالكين .
قال أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ : " ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضا بالقدر " .
ويقول علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : " ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له " .
وقال عمر بن الخطاب : " وجدنا خير عيشنا بالصبر " .
ومرّ وهب بمبتلى أعمى مجذوم ، مقعد ، عريان به وضح ، وهو يقول :
" الحمد لله على نعمه ، فقال رجل : كان مع وهب ، أي شيء بقي من النعمة تحمد الله عليها ؟ فقال له المبتلى : ارم ببصرك إلى أهل المدينة ، فانظر إلى كثرة أهلها ، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري .
ليعلم المصاب المبتلى أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها ويزيدها ، وليعلم أن الجزع يغضب ربه ويحبط عمله ، فليستعن بالله ويصبر على ما أصابه .
قال الفضيل بن عياض : إن الله عز وجل ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالخير ، وعلى المسلم إذا فجعته المصائب ، ونزلت به الهموم ، الرضا بقضاء الله ومن لم يستطع الرضا فعليه بالصبر ، وليعلم أهل المصائب أن لهم سلفاً من الأنبياء كانوا مثلاً عظيماً للرضا والصبر .
ويكفي المؤمن من فوائد الصبر الإنابة إلى الله والتضرع إليه .
عليك بالصبر إن نابتك نائبة *** من الزمان ولا تركن إلى الجزع
وإن تعرضت الدنيا بزينتها *** فالصبر عنها دليل الخير والورع
اللهم اجعلنا من الصابرين على بلائك ، والشاكرين لنعمائك ، واجعلنا من خير عبادك .
وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد .