- "أرخيت سمعي لأستبين مكان عمله..
* قال : أعمل مهندسا ومشرفا على وحدة الدراسات الجيوفيزيائية بمعهد تكرير النفط بمركز ( عرقة ) !!
- قلت متعجبا .. ماذا ؟!
* فأعاد الاسم كرة أخرى ، وزاد عليه .. بالإضافة إلى فرع الربع الخالي!!
- رحبت بصديق ابني - الذي دخل لتوه حاملا واجب الضيافة من قهوة وشاي ولوازمهما - وقلت :
وما عدد الدارسين بالمعهد ؟
* قال نحو350 دارسا من خريجي الثانوية ،
وهناك نية لفتح معهد خامس في ( الحوطة ) ، متخصص في الجيولوجيا ومكونات البيئة
ويدخل ضمنها أقسام منها :
قياس أثر المشتقات البترولية على البيئة وسبل تلافيها وأقسام
حول موضوع البدائل الأخرى لمصدر الطاقة الوحيد لدينا ، وأقصد النفط ..و ..
- قاطعته مرحبا بالضيف الآخر الذي دخل علينا متأبطا بعض الملفات
لمناقشة محتواها في هذا الاجتماع المصغر مع ابني وزميله الآخر ،
وبعد أن اتخذ مكانه في المجلس واسترد أنفاسه أعدت عليه سؤالي لزميله الأول
عن مجال عمله وتخصصه ؟
* قال : أعمل في المعهد العالي للصناعات الإستراتيجية .
- قلت : وهل هناك صناعات إستراتيجية ؟!
* قال : نعم ؟ ويبدو أنك لم تسمع به من قبل ؟!
- قلت : أنا منقطع عن الإعلام منذ فترة ، فالمعذرة على قصور الإدراك..
وشرعت أمطره ببعض الأسئلة والاستفهامات عن هذه الصناعات ..
* قال : تقوم الصناعات الإستراتيجية - يا عم - على دراسة الإفادة الحقيقية مما تكتنزه
هذه البلاد الكريمة من خيرات تمتاز بها عن كثير من دول العالم ،
وذلك بإعادة اكتشافها وتطوير الإنتاج فيها لتكون لمواطني بلادنا رافدا اقتصاديا مهما للبترول عندنا..
- قلت ..مثل ماذا ؟
* قال : هناك الصناعات القائمة على دراسة أسرار الرمال ومدى الاستفادة منها
في إنتاجات أخرى غير الزجاج - وهو المنتج الوحيد منه حتى الآن -
كما أن هناك قسما آخر للعناية بالنخيل ، وتعلم يا عم قدر أهمية التمر لنا ..
وقد عرفه اليهود فأقاموا معاهد لهذا الغرض..
- قاطعته مستغربا : وهل النخيل يحتاج لمعاهد ودراسات وصرف أموال عليه ،
وكل منا يعرف ذلك حتى الصغير من أبنائي ؟!
* قال : يا عم ..الأمر تغير والصناعات الدقيقة في مكونات النخلة تقدمت وتعقدت !
- قلت : ماذا ؟ وهل تغير السكري والخلاص والبرحي ..؟!!
* قال : هذا أنتم..ما تعرفون إلا التمر ونوعه فقط
- قلت : الله لا يخلينا ..ولا يغير علينا ..
* قال : هناك دراسات على الاستفادة من مكوناته والأسلوب الأمثل لتطوير ثمر النخيل
وبإنتاج غزير ووفير وبحجم كبير وبطعم ألذ .
هنا سال اللعاب..متطلعا إلى المزيد من هذه المعلومات ..
*أضاف محدثي قائلا : كما توجد دراسات على الاستفادة من دبس التمر وليف النخل ..
ولا أنس الاستفادة الطبية من محتويات التمر ؛ في عمليات الولادة ، والإجهاض ،
ومعالجة آثارهما ، وقد وردت الإشارة إلى ذلك في سورة مريم وأكده الطب الحديث.
- قلت ما شاء الله .. كل هذا ؟
* قال : وهناك قسم آخر للعناية برمز الصحراء وسفينتها الجمل .
- قلت : وما به الجمل ..فأنتم أهل العجائب؟
* قال : يوجد قسم خاص به يدرس طرق العناية به ، ومعرفة سلالاته وتطويرها ،
وكيفية استثماره اقتصاديا من خلال الاستفادة من أعضائه وأوباره ، وحليبه ، وحتى بوله ..نعم بوله ..
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " إن ناساً من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
في المدينة فاجتووها فقال لهم رسول الله إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة
فتشربوا من ألبانها و أبوالها ففعلوا فصحوا " إلى آخر الحديث – رواه البخاري ومسلم.
ومعنى الحديث يا عم : فاجتووا المدينة أي أصابهم المرض..
قال المفسرون الجوي داء من الوباء وهو يصيب الجوف كما في إحدى روايات الحديث
(فعظمت بطونهم) أي نتج عنه انتفاخ البطن (الاستسقاء).
- وفي هذه اللحظة سمعت صوتا معدنيا أفاقني من حلم اليقظة ..
فالتفت فإذا هو أبي أطال الله في عمره يضرب بقاع الفنجال جانب السفرة ( الطوفرية)
ينبهني لأمسك الدلة جيدا ويقول :
يا ولد اترك الهواجيس وصب قهوة ..متى بتتعلمون مسك الدلال ومقابلة الرجال ؟!
..........................
شمعة :
يقول المؤمل الكوفي في الولد :
ينشأ الصغير على ما كان والده.
إن العروق عليها ينبت الشجر
ويقول الألمان :
الولد مصباح البيت المعتم
وتقبلوا صادق محبتي
أبو البقاء
[/color]