بسم الله الرحمن الرحيم
أقسى ما في هذه الحياة أن تجد رجل كبير يبكي ولا يبكي الرجل بحرقة إلا من قهر نعوذ بالله من قهر الرجال ، نعم قد ينفطر القلب من بكاء الطفل رحمة به وشفقة عليه ولكن من السهل أن تدخل عليه السرور وتبدل حاله بسرعة من البكاء إلى الضحك !!! ، ولكن حينما يبكي الرجل الكبير فما حيلتك فيه ؟! .
صليت العشاء يوم أمس في الجامع القديم وبعد الصلاة وقفت أنا وأبى حسن وأبى فهد السبيعي للحديث خارج المسجد وإذا بنا نسمع أصوات شجار بين شخصين من الجنسية الباكستانية وبعد فترة من تعالي الأصوات سمعت بكاء أحدهم بحرقة ، حقيقة استوقفنا بكاء هذا الرجل فاستدعينا الرجل الذي تشاجر معه لنستوضح منه المشكلة ؟ قال هذا الرجل : أن له دين يبلغ ثلاثمائة ريال عليه ولم يسدد ؟! قلنا له وهل لديه مال يسدد به دينك ؟ قال لا ؟! ، فقلنا له وهل يعمل هذا الرجل ؟ ، قال : نعم ولكن أصحاب العمل لا يعطونه راتباً ويماطلون وأحياناً لا يعطونه ما يكفي لسداد دينه وإعالة أهله في باكستان ؟! ، نصحنا هذا الرجل بالصبر عليه طالما أنه فقير وغير مماطل ووعد أبى حسن هذا الرجل بسداد دينه عن طريق أحد الأخيار ؟! .
للأسف الشديد الكثير من العمالة تتعرض للظلم في بلد التوحيد !! إنها مصيبة عظمى أن يأتي رجل من بلاده ويترك أهله سنوات من أجل أن يتكسب بعض المال يطعم به أهله ويحمي أطفاله من ويلات الفقر ثم يأتي هنا حالماً بعيشة هنية فتتلقفه أيدي الظلمة تجار الإقامات فيسلبونه حقه وحتى كرامته فيعيش يستجدي الناس مالاً وعملاً ، حتى في بيوت الكثير تعيش الخادمات في بيئة ظالمة لا ترحم ؟! عمل لا يتوقف من الصباح حتى المساء ، لا وقت للراحة ولا وقت للنوم تخدم في البيت وفي بيت الجيران وبيت أهل الزوجة وكأنها عارية أو ملك يمين ؟! ، قصص كثيرة من مصائب استعباد العمالة يذوب لها القلب من كمد إن كان في القلب إيمان وإسلام رواها لنا أبى فهد وغيره ، استعباد ورق يبدأ من المطار حينما يحط هذا المسكين الحالم رجله في أرض المطار فيتفاجأ بواقع مرير يجعله يسهر الليل والنهار بحثاً عن لقمة عيش يسد بها رمقه قبل رمق أهله ولربما أضطر الكثير منهم إلى الكذب والخداع والسرقة والكسب الحرام !! ، والعجيب الغريب أن معظم تجار الإقامات من المسابقين إلى الخيرات وربما كانوا صباح هذا اليوم من السباقين إلى المصليات والجوامع مستغفرين الله بأسنتهم وما غاب عنهم ظلمهم !! ، داعين الله أن يغيثنا بالمطر وأنى يستجاب لهم ؟! ، بل والله ربما كانوا هم سبب تأخير إجابة الدعاء نسال الله لهم الهداية .
أخي : تفقد بيتك فقد يعيش فيه مظلوم وأنت لا تعلم وهذه مصيبة وإن كنت تعلم فالمصيبة أعظم ؟! ، وأعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه حتى وإن قصر ؟! فمن وهبك وحرمه قادر على أن يهبه ويحرمك فليس بينك وبين الله عهد ؟! .