إخوتي في الله:
في الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد الله عز وجل يجعل السموات على أصبع والأرضين على أصبع, والشجر على أصبع, والماء والثرى على أصبع, وسائر الخلق على أصبع فيقول أنا الملك, فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}[/size]
له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، شملت قدرته كل شيء ووسعت رحمته كل شيء، كل يوم هو في شأن، يرفع أقواماً ويخفض آخرين، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه،
يا من يرى مد البعوض جناحهــــا ...... في ظلمة الليل البهيم الألــــــيـل
ويرى نياط عروقها في نحرهــــــا ...... والمخ في تلك العظام النحـــــــل
ويرى مكان الدم في أعضائهــــــا ...... متنقل من مفصل في مفصــــــــل
و يرى مكان المشي من أقدامهـا ........ وخطيطها في مشيها المستعجـل
هذه ـ عباد الله ـ بعض عظمته سبحانه مما تتحمله العقول، وإلا فعظمة الله وجلاله أجل من أن يحيط بها عقل،
فمن هذا بعض عظمته كيف يعصىَ
يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ *فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ*) ، خلقك الله من عدم، وشفاك من سقم، وأسبغ عليك وافر النعم، أطعمك من جوع، وكساك من عُري، وأرواك من ظمأ،
من أنت ـ أيها المسكين ـ حتى تعصي إله الأولين والآخرين ورب العالمين؟! من أنت ـ أيها الضعيف الذي لا تملك لنفسك نفعًا ولا ضرًا ولا حولاً ولا طولاً ـ حتى تعصي القوي العزيز الذي خضع له كل شيء،
نسأل الله أن يعاملَنا بلطفه وعفوه